يعتبر علاج المدمن جانبا حيويا من طرق مكافحة الإدمان، فإذا كان تخفيض العرض هو من مهام الأجهزة الأمنية من خلال الضبطيات التي تشمل محاولات التهريب أو الاتجار أو حتى ضبط المتعاطين، فإن مفهوم تخفيض الطلب يسعى إلى نشر المعرفة ليصبح معتقداً ضمن ثقافة عامة في المجتمع تتحول إلى سلوك صحي ايجابي يبتعد فيه أو يرفض كل أشكال المواد الادمانية وعلى رأسها المؤثرات العقلية والمخدرات.
وتخفيض الطلب يتطلب تضافر الجهود المجتمعية الحكومية منها أو الاهلية والقطاع الخاص في جوانب الوقاية والعلاج على حد سواء.
وإذا كان مشروع غراس المشروع الوطني التوعوعي للوقاية من المخدرات نموذجا وقائيا رائعا و ناجحا يتطلب استمرارية الدعم لضمان استمرارية حضوره وقوة زخمه في كم متدفق من الأفكار والمشاريع.
فان مركز بيت التمويل لعلاج الإدمان هو نموذج آخر لمبادرة مجتمعية انطلقت من تحت مظلة اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات والتي يرأسها وزير الداخلية وفي عضويتها كل من وكلاء وزارات الداخلية، الصحة، التعليم، الإعلام، وخبراء من المهتمين من الاكاديميين فضلا عن ممثلين للقطاع الخاص وجمعيات النفع العام.
لذلك فان هذا المركز يستحق الإشادة ليس فقط لأنه عالج جزءا من مشاكل مستشفى الطب النفسي القديم من حيث الطاقة الاستيعابية (عدد الأسرة) او تركيز العلاج لضحايا الإدمان بأنواعه، ولكنه أيضا لأنه في موقع فريد على شاطئ البحر أتاح في فرصة مميزه لتطبيق آخر واحدث أنواع العلاج والمتابعة الفنية لضمان فعالية التعافي المرغوب للمرضى.
ولا يفوتني التأكيد على أهمية التأهيل بعد مغادرة المستشفى لحماية المرض من الوقوع في مصيدة المخدرات إذا لم تتغير البيئة المحيطة المهيأة للتعافي أو للانتكاسة فلابد من دعم الأسرة، وتغير رفاق السوء وإيجاد الصحبة الصالحة، وملأ وقت الفراغ بما هو مفيد وبما يعزز مسيرة التداوي لتنظيف الجسم مما علق فيه سموم المخدرات.
ولعل توجه بعض الأسر لعلاج بعض أفرادها المتعاطين في محيط من الخصوصية والسرية في القطاع الخاص خارج الوطن، ففي الكويت نستقبل بعض المرضى من الخليج للعلاج محليا، تماماً كما يعالج بعض المبتلين لعلاج الإدمان في الدول المجاورة ليس فقط لضمان عدم الانتظار بعيدا عن الظروف والبيئة السابقة التي أدت للإدمان ولكن أيضا للمحافظة عن سمعة الأسرة أو العائلة بعيد عن الوحدة المرتبطة بالمخدرات.
ولا أخفيكم سعادتي من ارتفاع مستوى الثقافة العامة بعد تقبل المجتمع للتعامل مع المدمن كمريض وليس كمجرم وذلك بعد تناقص أو زوال حدة الوصمة العالقة في أذهان البعض عن متعاطي المخدرات والمرتبط بسوء السلوك.
أقول ان العلاج يتطلب تضافر الجهود، وبعد ان توافرت الإمكانات من حيث المركز العلاجي، فإنه مطلوب تشجيع تخصص مزيد من الكوادر الطبية والفنية وخلق قواعد علاجية معيارية اكلينكية أو نفسية أو جماعية لضمان التعافي، وقدراتنا مع ثقتنا أن المركز قادر على أن يصنع الفرق لصالح المرضى الراغبين في الحياة!

موضووووووووووع راااااااااااائع